Biskra Mon Amour
 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Pre_1329761898__welcome
 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Img_girls-ly1366155881_663

 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Pre_1329761898__welcome
Biskra Mon Amour
 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Pre_1329761898__welcome
 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Img_girls-ly1366155881_663

 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Pre_1329761898__welcome
Biskra Mon Amour
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Biskra Mon Amour

مرحبا بكم في منتدنا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  أطفالنا في ظل التربية الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ßÌšКŔĂ мǑǔй ǍмǒǚŘ
صاحب الموقع
صاحب الموقع
ßÌšКŔĂ мǑǔй ǍмǒǚŘ


العمل في الدنيا : طالب / طالبة البلد: : بلدي وسامك ومكافئتك العمل في المنتدى ذكر
عدد المساهمات : 145
نقاط : 81563
السٌّمعَة : 4
تاريخ التسجيل : 22/10/2013
العمر : 26
الموقع : https://taal9.yoo7.com/

 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: أطفالنا في ظل التربية الإسلامية    أطفالنا في ظل التربية الإسلامية I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 06, 2013 11:38 pm

 أطفالنا في ظل التربية الإسلامية 930628958 
أطفالنا في ظل التربية الإسلامية


المقدمة :


الحمد لله على توفيقه وهداه ، والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه ، وعلى أهل بيته أهل الطهارة والشرف والفضل والجاه .

نقدّم لك ـ عزيزنا القارئ الكريم ـ بحثنا التربوي هذا ، معالجين فيه مسألة التربية الإسلامية التي وضع أسسها لنا الشارع المقدّس تبارك وتعالى ، كما ورد في قرآنه الكريم ، وعلى لسان نبيّه الصادق الأمين محمّد بن عبد الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، ومن خلال سيرته الشريفة ، وسيرة أهل بيته الطيّبين الطاهرين ، وعترته من ذرّيته المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

نهدف من وراء ذلك أن نحظى بتوفيق من الله عزّ وجلّ في أن نسهم في هذه المسؤولية التربوية المقدّسة .

قال الله الحكيم في محكم كتابه الكريم : بسم الله الرحمن الرحيم : ( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) صدق الله العلي العظيم .

وقال رسوله المصطفى ( صلّى الله عليه وآله ) لمّا سئل : ما حقّ ابني هذا ؟ ( تُحسن اسمه وأدبه ، وضعْه موضعاً حسناً ) .

وقال الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) : ( وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ، ما ألقي فيها من شيء قبلته ) .

وقال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( الغلام يلعب سبع سنين ، ويتعلّم الكتاب سبع سنين ، ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين ) .

وقد قيل :

ربّوا بنيكم علّموهم هذّبوا ** فتياتكم فالعلمُ خيرُ قوام

وقيل كذلك :

ليس الجَمالُ بأثوابٍ تزيّنهُ ** إنّ الجَمالَ جَمالُ الخُلقِ والأدبِ

بقدر ما هو شيّق ولذيذ ، فهو مهمّ جدّاً وخطير جدّا ً، ذلك هو الخوض في أهم وأخطر مجال من المجالات الاجتماعية في بناء الفرد والمجتمع البناء السليم القويم ، فإنّ الإنسان يولد صفحة ناصعة البياض ، مصقولة التركيب ، محايدة التشكيلة ، لا تشوبه شائبة ، فهو بهذا يكون قابلاً للتشكّل والانتماء واكتساب ألوان المعارف والسلوك والممارسات .

وإنّ مرحلة الطفولة هي التي تعطي صورة شخصية الإنسان ، وتشكيل ملامحه الخَلقية والخُلقية ، وقد حرصت الشريعة الإسلامية الحقّة على تربية الطفل ، واهتمّت ببناء شخصيّته بناء سليماً ؛ محصّنة إيّاه عن أشكال الانحراف وأنواع العقد السلوكية ، وشتّى الأمراض النفسية الخطيرة والعادات السيئة القبيحة .

وعلى أساس من مبادئها الإنسانية وقيمها الصالحة ، فإنّ بناء شخصية الطفل في الإسلام ما هو في الحقيقة إلاّ عملية بناء المجتمع الإسلامي ، وتمهيد لإقامة الحياة والدولة والقانون والحضارة ، وفقاً للمبادئ الإسلامية المباركة ، تحقيقاً لسعادة الإنسان ، وتحصيناً لمقوّمات المجتمع ، وحفظاً لسلامة البشرية وخيرها .

وإنّ نجاح الأهداف الإسلامية ، وسعادة الفرد ، وسلامة المجتمع ، تتوقّف على سلامة عملية التربية ؛ ممّا يدعونا لأن نكرّس جانباً كبيراً من جهودنا وممارساتنا واهتماماتنا لتربية الطفل وإعداده إعداداً سليماً ، ليكون فرداً صالحاً وعضواً نافعاً في المجتمع الإسلامي ، وليكون له دور بنّاء وفعّال في الحياة ، ويكون مهيّأً للعيش السليم في كنف الإسلام العظيم ، منسجماً في واقعه ونزعاته الذاتية مع القانون الإسلامي ، ونظم الحياة الإسلامية السائدة في مجتمع الإيمان بالله عزّ وجلّ .

لقد توخّينا من إعداد هذا البحث ووضعه على شبكة الإنترنت ؛ لنكون قد ساهمنا ـ مع من يعيش في البلدان غير الإسلامية خاصّة ـ في تربية أطفالنا التربية التي يرضاها الله عزّ وجلّ ورسوله وخلفاؤه الأئمّة الإثنا عشر المعصومون صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، ونكون بذلك مساهمين في بناء التربية الإسلامية الصالحة في ذلك المجتمع الذي يعيشون فيه ، البعيد عن التصوّر الإسلامي ، وكذلك في نشر الفكر والوعي الإسلامي في تلك المجتمعات ، من خلال ذلك .

مفهوم التربية :

لقد عرّف اللغويّون وأصحاب المعاجم لفظة التربية بأنّها : الربّ في الأصل : التربية ، وهي إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدّ التمام ، يقال : ربّه وربّاه وربّيه ، وربّ الولد ربّاً : وليه وتعهّده بما يغذّيه وينمّيه ويؤدّبه ... .

لذا ، يمكننا أن نقول : إنّ التربية الإسلامية هي : عملية بناء الإنسان وتوجيهه لتكوين شخصيّته ، طبقاً لمنهج الإسلام الحنيف وأهدافه في الحياة ، فالتربية إذن تعني تنشئة الشخصية وتنميتها حتّى تكتمل وتتّخذ صفتها الممّيزة لها .

أهمّية التربية الإسلامية :

من المسلّم به أنّ الإنسان يولد صفحة بيضاء ، غير مطبوع عليه أيّ شيء من ملامح أيّ اتّجاه أو سلوك أو تشكيلة ؛ إلاّ أنّه يحمل الاستعداد التامّ لتلقّي مختلف العلوم والمعارف ، وتكوين الشخصية والانخراط ضمن خطّ سلوكي معيّن .

لذا ، فإنّ القرآن الكريم يخاطب الإنسان ويذكّره بهذه الحقيقة الثابتة ، وبنعمة الاستعداد والاكتساب والتعلّم ، التي أودعها الله عزّ وجلّ فيه لكسب العلم والمعرفة ، والاسترشاد بالهداية الإلهية .

قال عزّ وجلّ : ( وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) النحل : 78 .

والإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) يترجم هذا الخطاب الإلهي العلمي السامي بقوله : ( وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ، ما ألقي فيها من شيء قبلته ) .

وقد شرح العلاّمة الحلّي ( رضوان الله عليه ) مراحل تكوّن المعرفة لدى الطفل ، فقال : ( اعلم أنّ الله خلق النفس الإنسانية في بداية فطرتها ، خالية من جميع العلوم بالضرورة ، قابلة لها بالضرورة ، وذلك مشاهد في حال الأطفال ، ثمّ إنّ الله تعالى خلق للنفس آلات بها يحصل الإدراك ، وهي القوى الحسّاسة ، فيحسّ الطفل في أوّل ولادته لمس ما يدركه من الملموسات ، ويميّز بواسطة الإدراك البصري على سبيل التدرّج بين أبوبه وغيرهما ) .

وبهذا الترتيب يتدرّج في التعرّف إلى الطعوم والمذاقات وباقي المحسوسات وإلى إدراك جميع ما يتعلّق بها ، فهو يعرف ثدي أمّه ، نظراً لعلاقته الحياتية به وحاجته إليه في التغذّي ، فنراه يناغيه ويلاعبه ويداعبه أثناء رضاعته ، ثمّ يتعرّف على أمّه قبل غيرها ممّن يحيطون به ، وهكذا .

ثمّ إنّ هذا الطفل يزداد فطنة وذكاء ، فينتقل من إحساسه بالأمور الجزئية إلى معرفة الأمور الكلّية ، مثل التوافق والتباين والأنداد والأضداد ؛ فيعقل الأمور الكلّية الضرورية بواسطة إدراك المحسوسات الجزئية ، ثمّ إذا استكمل الاستدلال وتفطّن بمواضع الجدال ؛ أدرك بواسطة العلوم الضرورية العلوم الكسبية .

فظهر من هذا أنّ العلوم المكتسبة فرع على العلوم الكلّية الضرورية ، والعلوم الكلّية الضرورية فرع على المحسوسات الجزئية ، لذا يتعيّن في ظلّ التعاليم الإسلامية على الأبوين التكليف في إعداد الطفل وتربيته وتعليمه منذ نشأته الأولى .

ومن الجانب الآخر ، فإنّ الطفل ـ كإنسان ـ وهبه الله عزّ وجلّ العقل والذكاء ، وخلق فيه ملكة التعلّم والاكتساب والتلقّي ، فهو منذ أن يفتح عينيه على هذه الدنيا يبدأ عن طريق الحسّ بالتعلّم واكتساب السلوك والآداب والأخلاق ، ومختلف العادات ، وكيفية التعامل مع الآخرين .

فنجد أنّ محيط الأسرة وطريقة تعاملها وطرز تفكيرها ، كلّ ذلك يؤثّر تأثيراً مباشراً وعميقاً في تكوين شخصية الطفل ، ويتحدّد قالبها الذي سوف يتّخذه الطفل مستقبلاً ، سواء كانت تلك العائلة سليمة ومؤمنة ومستقيمة وملتزمة بتعاليم الإسلام السامية ، فيخرج الطفل فرداً صالحاً وإنساناً طيّباً وسعيداً ، أو كانت من العوائل المتحلّلة المنحطّة ، فتُخرج طفلها إلى المجتمع فرداً فاسداً مجرماً شقيّاً .

لذا جاء في الحديث النبوي الشريف : ( ما من مولود يولد إلاّ على هذه الفطرة ، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ) .

وقد أثبتت التجارب والدراسات العلمية التي أجراها الباحثون والمحقّقون في مجال البحوث والتحقيقات التربوية والنفسية ؛ أنّ للتربية أثراً كبيراً ومباشراً في تكوين شخصية الفرد ، وأثرها كذلك في المجتمع .

وقد تبيّن تطابق هذه البحوث والتحقيقات مع قواعد الرسالة الإسلامية المباركة وقوانينها التربوية العلمية ، وجاءت هذه تأييداً ومصداقاً للتعاليم الإسلامية الحقّة في مجال التربية والتعليم ؛ حيث تقول معظم الدراسات التي أجريت في العالمين الإسلامي والأوربي بأنّ الطفل في سنيّ عمره الأولى تتحدّد شخصيّته الإنسانية ، وتُنمّى مواهبه الفردية ، وتتكوّن لديه ردود فعل على الظواهر الخارجية ، عن طريق احتكاكه بالمحيط الذي يعيش ويترعرع فيه ، وتكتمل هذه الردود وتأخذ قالبها الثابت في حينه : ( من شبّ على شيء شاب عليه ) .

ومسلّم أنّ للقيم السلوكية السائدة في محيط العائلة الذي يعيش الطفل فيه ـ سواء كانت إيجابية أم سلبية ـ دورا‍ً خطيراً ومؤثّراً في تأطير طريقة تعامله مع الآخرين .

وقد أثبتت الأبحاث التربوية كذلك أنّ تكوّن شخصية الطفل منذ صغر سنّه يؤثّر تأثيراً مباشراً قوياً في نظرته إلى نفسه بالذات ، ما عاش في هذه الحياة الدنيا ، فإنّ لمس الرعاية والمحبّة والعاطفة السليمة والحنان والاهتمام والتقدير والتشجيع والمكافأة بين أفراد أسرته ؛ أشرقت صورته في نفسه وتطيّبت ، ونمت قدراته ومواهبه وإبداعاته وابتكاراته ، وأصبح يشعر بإشراقة مضيئة تشعّ من ذات شخصيّته فتؤهّله للقيام بدور فعّال في حياته العائلية ، ومن ثمّ المدرسية والمهنية فالاجتماعية .

لقد أثبتت هذه الدراسات والتجارب أنّ 50 % من ذكاء الأولاد البالغين السابعة عشرة من العمر ؛ يتكوّن بين فترة الجنين وسنّه الرابعة ، وأنّ 50 % من المكتساب العلمية لدى البالغين من العمر ثمانية عشر عاماً تتكوّن ابتداءً من سنّ التاسعة ، وأنّ 33 % من استعدادات الولد الذهنية والسلوكية والإقدامية والعاطفية يمكن معرفتها في السن الثانية من عمره ، وتتوضّح أكثر في السنّ الخامسة بنسبة50 % .

ودراسة أخرى تضيف على هذا ، فتقول : إنّ نوعية اللغة التي يخاطب الأهل أولادهم بها تؤثّر إلى حدّ كبير في فهم هؤلاء وتمييزهم لمعاني الثواب والعقاب ، وللقيم السلوكية لديهم ولمفاهيمها ، ودورهم في البيت والمجتمع وأخلاقيّتهم .

لذا ، فإنّ الإسلام العظيم قد بدأ عنايته الفائقة بالطفل منذ لحظات ولادته الأولى ، فدعا إلى تلقينه الشهادتين المقدّستين ،وتعظيم الله عزّ وجلّ ، والصلاة لذكره جلّ وعلا ؛ لكي تبدأ شخصيّته بالتشكّل والتكوّن الإيماني ، والاستقامة السلوكية ، والتعامل الصحيح ، ولكي تتثبّت القاعدة الفكرية الصحيحة في عقله ونفسه .

فقد روي عن الإمام جعفر الصادق عن جدّه الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) أنّه قال : ( من وُلد له مولود فليؤذّن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة ، وليُقم في أذنه اليسرى ؛ فإنّ إقامتها عصمة من الشيطان الرجيم ) .

ولعلّ أحقّ وأثبت دليل على تحديد مسؤولية الوالدين في مسألة تربية أولادهم ، وأهمّية التربية في الإسلام هو قوله عزّ وجلّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم : 6 .

إنّ علماء النفس والتربية يرون أنّ المحيط الذي يعيش الطفل فيه هو الذي يحدّد معالم شخصيّته مستقبلاً بدءً بالوالدين ؛ فمحيط العائلة فالمجتمع الكبير ، فهذا كونفوشيوس فيلسوف الصين الكبير ( 551 ق م ـ 478 ق م ) يقول في شأن أهمّية التربية وضرورتها من أجل حياة معتدلة سوية : الطبيعة هي ما منحتنا إيّاه الآلهة ، السير بمقتضى شروط الطبيعة هو السير في صراط الواجب ، وإدارة هذا الصراط وتنظيمه هو القصد من التربية والتعليم .

تأثير المحيط على تربية الأطفال :

إنّ البيئة والمحيط الذي يعيش فيهما الطفل لهما تأثير عميق وفعّال في حياته وتكوّن شخصيّته ، فالإنسان منذ نعومة أظفاره يتأثّر وينفعل بما يجري حوله من ممارسات ، فهو يكتسب مزاجه وأخلاقه وممارساته وطرز تفكيره من ذلك المحيط أو تلك البيئة .

وقد تبيّن أنّ للوالدين ولسلوك العائلة ووضعية الطفل فيها ، دوراً كبيراً في تحديد شخصيّته وصقلها وبلورتها وتحديد معالمها ، كما أنّ للمعلّم أيضاً وكذا الأصدقاء ، والمجتمع ووسائله الفكرية والإعلامية ، وعاداته وأسلوب حياته ؛ أثر مباشر كبير على سلوك الطفل وكيفية تفكيره ، إلاّ أنّنا نلاحظ ـ انطلاقاً من فلسفة الإسلام العامّة ، والتربوية خاصّة ـ أنْ ليس لعالم الطفل الخارجي بمختلف مصادره ، ومع شدّة تأثيره ؛ القدرة كلّياً وبصورة قاطعة وإلى الأبد في تحديد معالم شخصية الإنسان ، ويؤطّر مواقفه ، بل للإرادة الذاتية القوية دور فعّال وبنّاء في تحديد سلوكه ومعتقده وممارساته ؛ لأنّ الإنسان في ظلّ التعاليم الإسلامية الحقّة ، ومعرفته لما فيه الخير والصلاح والسعادة له ولغيره ، يعمل به ، ومعرفته لما فيه الشرّ والفساد والشقاء له ولغيره ، يتجنّبه لو أنّه اعتقد والتزم بتعاليم الشريعة الإسلامية الخالدة ، وعمل بعمل المعروف وانتهى عن فعل المنكر .

من هنا جاء التأكيد في التربية الإسلامية على القيم والأخلاق والمبادئ ، كحقائق مستقلّة متعالية على تأثيرات الواقع ؛ ليسلم هو بذلك ، وليسلم المجتمع الذي يعيش فيه من انحرافاته وآثاره السلبية .

لذا ، صار الاهتمام بتقويم الإرادة لدى الفرد بالغ الأهمّية ؛ لما للإرادة من دور عظيم في حياة الأفراد والمجتمعات والأمم ، فبالإرادة الذاتية المحصّنة من تأثيرات المحيط ، والثابتة على القيم والمبادئ السامية على واقع العالم المحيط بالإنسان ؛ ظهر القادة والمفكّرون والمصلحون الذين دعوا الناس إلى الثورة ضدّ الواقع المنحرف لتغييره .

وهذا التقويم الواقعي السليم لمنطق التأريخ ، الذي يعطي الإنسان قيمته الحقيقية في هذا العالم الرحب ، ويضعه في محلّه المناسب له ؛ هو بعينه تقويم التشريع الإسلامي للإنسان ، وقد جاء صريحاً في القرآن الكريم : ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ ) القيامة : 14 ـ 15 .

والرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) يقول : ( لا تكن إمّعة : تقول أنا مع الناس ، إن أحسنوا أحسنت ، وإن أساءوا أسأت ؛ بل وطّنوا أنفسكم إن أحسن الناس تُحسنوا ، وإن أساءوا أن تجتنبوا إساءتهم ) .

إذاً ، نستنتج ممّا سبق أنّ للمحيط الطبيعي للفرد وللمحيط الاجتماعي العام تأثيراً عميقاً على تكوين شخصية الطفل وتحديد سلوكه :

1ـ المحيط الطبيعي :

وفيه أنّ القاعدة الأساسية في تربية الطفل تتوقّف على أساس من التفهّم والطمأنينة والاهتمام بالطبيعة ، والعمل على إبعاد المخاوف عنه ، وتوجيهه إلى مواطن السرور والأمان والطمأنينة في هذا العالم ؛ لصيانته من ردود الفعل النفسية التي تؤلّمه وتضرّ به ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية جعله يتوجّه نحو الطبيعة ، ويستلهم منها معاني الحبّ والبهجة والجمال والأمن ، ويتشوّق إلى البحث والمعرفة والاكتشاف .

قال عزّ وجلّ : ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ ) الأعراف : 185 .

ومن الواضح أنّ الطفل يتأثّر بالمحيط وينفعل به ، فيتساءل كثيراً عمّا يراه ويسمعه في هذا العالم ممّا يثير إعجابه ودهشته ، ويلفت نظره ، فصوت الرعد ووهج البرق ونباح الكلب ودويّ الريح وسعة البحر ووحشة الظلام ، كلّها تثير مخاوفه ، وتبعث في نفسه القلق والاضطراب والخوف ، وتجعله ينظر إليها بحذر وتردّد ، ويعدّها في عداد العدوّ والخطر ، فيتطوّر عنده هذا الشعور ، ويأخذ أشكالاً مختلفة ، وتتطوّر هذه التحوّلات مع نموّ الطفل ، فتترسّب حالات الخوف في اللاشعور ، فتنمو شخصيّته على القلق والتردّد والاضطراب والخوف والجبن .

وكما أنّ لهذه الظواهر الطبيعية وأمثالها هذا الأثر السلبي الخطر في نفسية الطفل ؛ فإنّ منها ما له تأثير كبير أيضاً وإيجابي نافع في نفسه ، فنجده يفرح ويسرّ بمنظر الماء والمطر ، وتمتلئ نفسه سروراً وارتياحاً بمشاهدة الحقول والحدائق الجميلة ، ويأنس بسماع صوت الطيور ، وترتاح نفسه باللعب بالماء والتراب والطين ، فيجب في كلتا الحالتين التعامل معه ، وتدريبه على مواجهة ما يخاف منه ، وكيفية معالجته ، فنطمئنه ونعوّده الثقة في نفسه والاعتماد عليها .

وممّا هو مهمّ جدّاً في دور التربية هو أن نجيب الطفل ـ بكل هدوء وبساطة وارتياح وحبّ ورحابة صدر ـ عن جميع تساؤلاته حول المطر والشمس والقمر والنجوم والبحر والظلام وصوت الرعد و ... ؛ بما يطمئنه ويريح نفسه ؛ فننمّي بذلك فيه روح الإقدام وحبّ الاستطلاع ، وحبّ الطبيعة وما فيها من خلق الله عزّ وجلّ البديع العجيب لينشدّ إليها ، ويعرف موقعه فيها ، ويدرك عظمة خالقه ، ومواطن القدرة والإبداع ، ودوره فيها ؛ فينشأ فرداً سليماً نافعاً ذا إرادة تجنّبه الانحراف وفعل الشرّ ، وذا عزيمة على الإقدام على فعل الخير ، ويتركّز في نفسه مفهوم علمي وعقائدي مهم ، بأنّ الطبيعة بما فيها هي من صنع الله عزّ وجلّ أوّلاً ، ثمّ أنّ الله سخّرها لخدمة الإنسان ، فيتصرّف فيها ويستفيد منها ، ويكيّف طاقاته ويستغلّها بما ينفعه وينفع الناس ، وقد قال جلّ وعلا : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ) البقرة : 29 .

وقال : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) الملك : 15 .

وهذا التسخير الإلهي ما هو إلاّ تمكين للإنسان من تكييف قوى الطبيعة واستثمارها لصالحه ؛ وفق ما تقتضيه المفاهيم الإنسانية التي عالجها من خلال علاقته بالطبيعة ، مثل مفاهيم الحبّ والخير والجمال والأمن والسلام والاحترام ، وغيرها .

2ـ تأثير البيئة الاجتماعية :

إنّ للوسط الاجتماعي الذي يعيش الطفل فيه تأثيراً كبيراً في سلوكيّته وبناء شخصيّته ، فسرعان ما يتطبّع بطابع ذلك الوسط ، ويكتسب صفاته ومقوّماته من عقائد ذلك الوسط وأعرافه وتقاليده وطريقة تفكيره ، وما إلى ذلك ، والبيئة أو الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه الطفل يتمثّل بما يلي : الأسرة ، المجتمع ، المدرسة ، الدولة .

أ ـ الأسرة :

هي المحيط الاجتماعي الأوّل الذي يفتح الطفل فيه عينيه على الحياة ، فينمو ويترعرع في أوساطه ، ويتأثّر بأخلاقه وسلوكيّاته ، ويكتسب من صفاته وعاداته وتقاليده .

فالطفل يرى في أبوبه ـ وخصوصاً والده ـ الكيان الأعظم ، والوجود المقدّس ، والصورة المثالية لكلّ شيء ، ولذا تكون علاقته معه علاقة تقدير وإعجاب وحبّ واحترام من جهة ، ومن جهة أخرى علاقة مهابة وتصاغر ، ولذا فهو يسعى دائماً إلى الاكتساب منه ، وتقمّص شخصيّته ، ومحاكاته وتقليده ، والمحافظة على كسب رضاه .

في حين يرى في الأمّ مصدراً لإرضاء وإشباع نزعاته الوجدانية والنفسية ، من حبّ وعطف وحنان وعناية ورعاية واهتمام ؛ لهذا فإنّ شخصية الأم تؤثّر تأثيراً بالغاً في الطفل ونفسيّته وسلوكه ـ حاضراً ومستقبلاً .

لذا ، فإنّ لأوضاع الأسرة وظروفها الاجتماعية والعقائدية والأخلاقية والسلوكية والاقتصادية وغيرها ؛ طابعها وآثارها الأساسية في تكوين شخصية الطفل ونموّ ذاته ؛ فالطفل يتأثّر بكل ذلك ، وهذا ينعكس على تفكيره وعواطفه ومشاعره واحساساته ووجدانه وسلوكه ، وجميع تصرّفاته .

فعلاقة الوالدين مع بعضهما ، وكيفية تعامل أفراد الأسرة ، من أخوة وأقارب فيما بينهم ، يوحي إلى الطفل بنوعية السلوك الذي يسلكه في الحاضر والمستقبل ، فهو ـ كما قيل ـ أشبه بالببغاء ، يقلّد ما يرى وما يسمع ويحاكيه ، وهو حينما يرى أنّ هذه العلاقة قائمة على الودّ والعطف والحنان والتقدير والاحترام والتعاون ؛ فإنّه يألف هذا السلوك ، ويتأثّر به ، فتكون علاقته بوالديه واخوته وبقيّة أفراد أسرته والآخرين قائمة على هذا المنحى ، وعندما يخرج إلى المجتمع فهو يبقى في تعامله معه على هذا الأساس أيضاً .

أمّا إذا كان يعيش ضمن أسرة متفكّكة منهارة ، تقوم علاقاتها على الشجار والخلاف وعدم الاحترام والتعاون ؛ فإنّه يبني علاقته بالآخرين على هذا الأساس ، وينشأ معانياً من الجفوة والقسوة والانحلال والتفكّك وعدم الانسجام ، ويتكوّن لديه الشعور بالنقص ، وربّما نشأ مريضاً نفسيّاً وانتقاميّاً حقوداً على الجميع .

وكم من هؤلاء ذكرهم لنا التاريخ ، كانوا وبالاً على المجتمعات ، وفي الوقت الحاضر لا يخلو العالم من هذه النماذج الحقودة على الإنسانية ، الخطرة على مجتمعها ، ممّن يندى جبين العفّة والشرف عند الاطّلاع على ماضيهم الدنيء وحاضرهم القبيح .

والإسلام الحنيف يولي أهمّية فائقة للطفل ، ويركّز على تربيته التربية الصالحة المفيدة ، فقد ورد عن النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أحبّوا الصبيان وارحموهم ) .

وقال ( صلّى الله عليه وآله ) أيضاً ليهودي : ( أمّا لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان ) ، فقال اليهودي : إنّي أؤمن بالله ورسوله ، فأسلم .

وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : ( من قبّل ولده كتب الله عزّ وجلّ له حسنة ، ومن فرّحه فرّحه الله يوم القيامة ) .

ب ـ المجتمع :

هو المحيط الثاني الذي يتلّقى الطفل ويحتضنه بعد أبويه وأسرته ، ويغرس فيه ماهيّته ، وينقل إليه عاداته ومفاهيمه وسلوكه ، وفي المجتمع يجتمع كل ما يحمله وينتجه الأفراد المعاصرون من أفكار وعادات وتقاليد وأخلاق وسلوكيّات وتصرّفات ، كما أنّه يعتبر الوارث الطبيعي للأسلاف والأجيال الماضية ، وهو الذي ينقل إلى الجيل الحاضر ما كان عليه آباؤه وأجداده من حالات وأوضاع ؛ لذا فإنّ للبيئة الاجتماعية دوراً كبيراً في قولبة شخصية الطفل وسلوكه .

والفرد المسلم في المجتمع الإسلامي يجد البيئة الصالحة المناسبة لنموّه ونشأته واستقامة شخصيّته ، لتوفّر الأجواء والظروف اللازمة لنموّ الشخصية الإسلامية اجتماعيّاً نموّاً صالحاً سليماً .

فالصديق الذي يرافقه الطفل ويلعب معه يؤثّر فيه ، وينقل إليه الكثير من أنماط السلوك ، ومعاملة الضيوف والأقارب وغيرهم ، والاختلاط بهم تكون لها منافعها وأضرارها ، والمؤسّسات العامّة كالملاعب والنوادي والجمعيّات والمسارح ودور السينما والحدائق والمتنزّهات وسائر الأماكن العامّة ، أو المظاهر العامّة والممارسات كالأعياد والمناسبات المختلفة ، التي يعيشها الطفل ويتعامل معها ، أو يرتادها ، كلّ ذلك يزرع في نفسه مفهوماً خاصّاً ، يوجّهه توجيهاً معيّناً ، وكذا القصص والحكايات الشعبية والأمثال والنكت هي أيضاً تترك آثارها على شخصية الطفل وسلوكه وأخلاقه .

والتربية الإسلامية تعتمد على المحيط الاجتماعي في التوجيه والإعداد ، وتهتمّ بإصلاح الطفل وتوجيهه توجيهاً صحيحاً سليماً ، فمن النافع جدّاً ذكره أنّ هناك أمراً مهمّاً وخطيراً جدّاً في العملية التربوية ، له أثره المهمّ والفعّال في الشخصية الإنسانية ، ألا وهو الانسجام التامّ وعدم التناقض بين حياة البيت والمدرسة والمجتمع ؛ ليسلم الطفل من الصراع النفسي والتشتّت وانقسام الشخصية وانفصامها .

والمجتمع الإسلامي الذي يؤمن بالإسلام فكراً وعملاً وسلوكاً ، ينسجم تماماً مع الأسرة والمدرسة ، ويلقى الطفل فيه الحياة المتّزنة المستقرّة المنسجمة الهادئة المريحة ، كما أنّ الطفل أينما يولّي وجهه في البيت أو المدرسة أو المجتمع ، فإنّه يجد الأمّ والأصدقاء والمؤسّسة والمظهر الاجتماعي العام ، ووسيلة الإعلام وحياة الناس العامّة وسياسة الدولة كلّها تسير على قاعدة فكرية وسلوكية واحدة ، ساعية إلى الخير والإصلاح والعزّة والكرامة ، وتعمل بانسجام تام ، وتتعاون بشكل دقيق ومتقن ومنسّق ، على أسس فلسفة حياتية وفكرية واحدة ، من أجل بناء الفرد الصالح النافع ، والمجتمع السليم القويم ، والدولة القوية المهابة .

ج ـ المدرسة :

والمدرسة هي الحاضنة الأخرى للطفل ، ولها تأثير كبير ومباشر في تكوين شخصيّته ، وصياغة فكره ، وتوضيح معالم سلوكه ، وفي المدرسة تشترك عناصر أربعة أساسية في التأثير على شخصية الطفل وسلوكه ، وهي:

1ـ المعلّم :

إنّ الطفل يرى المعلّم مثلاً سامياً وقدوة حسنة ، وينظر إليه باهتمام كبير واحترام وفير ، وينزّله مكانة عالية في نفسه ، وهو دائماً يحاكيه ويقتدي به ، وينفعل ويتأثّر بشخصيّته ، فكلمات المعلّم وثقافته وسلوكه ومظهره ومعاملته للطلاّب ، بل وجميع حركاته وسكناته ، ذلك جميعه يترك أثره الفعّال على نفسية الطفل ؛ فتظهر في حياته وتلازمه ، وإنّ شخصية المعلّم تترك بصامتها وطابعها على شخصية الطفل عبر المؤثّرات التالية :

أ ـ الطفل يكتسب من معلّمه عن طريق التقليد والإيحاء الذي يترك أثره في نفسه ، دون أن يشعر الطفل بذلك في الغالب .

ب ـ اكتشاف مواهب الطفل وتنميتها وتوجيهها وترشيدها .

ج ـ مراقبة سلوك الطفل وتصحيحه وتقويمه ، وبذا تتعاظم مسؤولية المربّي ، ويتعاظم دوره التربوي المقدّس في التربية الإسلامية .

2 ـ المنهج الدراسي :

وهو مجموعة من العلوم والمبادئ التربوية والعلمية ، والخطط التي تساعدنا على تنمية مواهب الطفل وصقلها ، وإعداده إعداداً صالحاً للحياة ، ولكي يكون المنهج الدراسي سليماً وتربوياً صالحاً ؛ يمكّنه من تأدية غرضه الشريف ، فينبغي له أن يعالج ثلاثة أمور أساسية مهمّة في عملية التربية المقدّسة ، ويتحمّل مسؤوليّته تجاهها ، وهي :

أ ـ الجانب التربوي :

إنّ العنصر الأساس في وضع المنهج الدراسي في مراحله الأولى خاصّة ، هو العنصر التربوي الهادف ، فالمنهج الدراسي هو المسؤول عن غرس القيم الجليلة والأخلاق النبيلة في ذهن الطفل وفي نفسيّته ، وهو الذي ينبغي أن يعوّده الحياة الاجتماعية السليمة ، والسلوك السامي ؛ كالصدق والصبر والحبّ والتعاون والشجاعة والنظافة والأناقة والإيمان بالله عزّ وجلّ ، وحبّ الوطن والالتزام بالنظام والمعتقدات والأعراف ، وطاعة الوالدين والمعلّم ، و... ، وهذا الجانب التربوي هو المسؤول عن تصحيح أخطاء البيئة الاجتماعية وانحرافاتها ، كالعادات السيّئة والخرافات والتقاليد البالية .

ب ـ الجانب العلمي والثقافي :

وهذا يشمل تدريس الطفل مبادئ العلوم والمعارف النافعة له ولمجتمعه ، سواء كانت الطبيعية منها أو الاجتماعية أو العلمية أو الرياضية أو الأدبية أو اللغوية أو الفنية وغيرها ، التي تؤهلّه لأن يتعلّم في المستقبل علوماً ومعارف أعقد مضموماً وأرقى مستوى .

ج ـ النشاط الصيفي :

وهذا الجانب لا يقلّ خطورة عن الجانبين السابقين ، إن لم نقل أكثر ، ويتمثّل في تشجيع الطفل ، وتنمية مواهبه ، وتوسيع مداركه ، وصقل ملكاته الأدبية والعلمية والفنية والجسمية والعقلية ؛ كالخطابة وكتابة النشرات المدرسية والرسم والنحت والتطريز والخياطة ، وسائر الأعمال الفنية الأخرى ، أو الرياضة والألعاب الكشفية ، والمشاركة في إقامة المخيّمات الطلابية ، والسفرات المدرسية ، بل ومختلف النشاطات اللصيفية الأخرى ، لدفعه إلى الابتكار والاختراع والاكتشاف والإبداع .

فإذا وضع المنهج الدراسي بهذه الطريقة الناجحة ، استطاع أن يستوعب أهداف التربية الصالحة ، ويحقّق أغراضها المنشودة في تنشئة النشء الصالح المفيد .

3ـ المحيط الطلاّبي :

ونعني به الوسط الاجتماعي الذي تتلاقى فيه مختلف النفسيّات والحالات الخلقية ، والأوضاع الاجتماعية من الأعراف والتقاليد ، وأنماط متنوّعة من السلوك والمشاعر التي يحملها الطلاّب معهم إلى المدرسة ، والتي اكتسبوها من بيئاتهم وأسرهم ، وحمّلوها بدورهم إلى زملائهم ، فنرى الأطفال يتبادلون ذلك عن طريق الاحتكاك والملازمة والاكتساب .

وطبيعي أنّ الوسط الطلابي سيكون على هذا الأساس زاخراً بالمتناقضات من أنماط السلوك والمشاعر ـ سيّما لو كان المجتمع غير متجانس ـ فتجد منها المنحرف الضارّ الخطر ومنها المستقيم الخيّر النافع ، لذا كان لزاماً على المدرسة أن تهتمّ بمراقبة السلوك الطلابي ، وخصوصاً من يسلك منهم سلوكاً ضارّاً ، فتعمل على تقويمه وتصحيحه ، ومنع سريانه إلى الطلاّب الآخرين ، وتشجيع السلوك الاجتماعي النافع البنّاء وتنميته ؛ كتنمية روح التعاون والتدريب على أعمال القيادة الجماعية ، والرضا بالانقياد للأوامر ، والالتزام بمقرّرات الجماعة الطلاّبية ، لينشأ فرداً اجتماعياً تعاونياً ، يقرّ بالقيادة التي يقرّرها المجموع ، والتي تحقّق مصلحة الجماعة ، كما ويتدرّب الطالب من خلال ممارسته الحياة في المحيط الطلاّبي على احترام حقوق الآخرين ، ومعرفة حقوقه عليهم من جانب آخر .

4ـ النظام المدرسي ومظهره العام :

لمّا كان الطلبة يشعرون في اليوم الأوّل من انخراطهم في المدرسة أنّ للمدرسة نظاماً خاصّاً ، يختلف عن الوضع الذي ألفوه في البيت ضمن أسرتهم ؛ فإنّهم يشعرون بضرورة الالتزام بهذا النظام والتكيّف له ، فإذا كان نظام المدرسة قائماً على ركائز علمية متقنة ، ومشيّداً على قواعد تربوية صحيحة ؛ فإنّ الطالب سيكتسب طباعاً جيّدة في مراعاة هذا النظام ، والعيش في كنفه .

فمثلاً لو كان الطالب المشاكس الذي يعتدي على زملائه الطلاّب ، والطالب الآخر المعتدى عليه ، كلاهما يشعران بأنّ نظام المدرسة سيتابع هذه المشكلة ، وأنّ هذا الطالب المعتدي سوف ينال عقابه وجزاءه ؛ فإنّ الطرفين سيفهمان حقيقة مهمّة في الحياة ، وهي أنّ القانون والسلطة والهيئة الاجتماعية يردعون المعتدي ، وينزلون به العقاب الذي يستحقّه ، وأنّ المعتدى عليه هو في حماية القانون والسلطة والهيئة الاجتماعية ، ولا ضرورة أن يكلّف نفسه في الردّ الشخصي وإحداث مشاكل يحاسب هو عليها .

إنّ هذه الممارسة المدرسية التربوية تربّي في الطفل احترام القانون واستشعار العدل ومؤازرة الحقّ والإنصاف ، والنظام المدرسي الذي يتابع مشكلة التقصير في أداء الواجب ، والتغيّب عن الدرس والمدرسة ، ويحاول حل هذه المشكلة ؛ فإنّ الطالب في هذه المدرسة سيتعوّد ـ من خلال ذلك ـ الضبط والمواظبة على الدوام والالتزام بالنظام وأداء الواجب والشعور بالمسؤولية ، وهكذا ... .

وكما أنّ للنظام أثره في تكوين شخصية الطفل وتنمية مشاعره وصقل قدراته وتقويم مواقفه وقيمه ؛ فإنّ للحياة العامّة في المدرسة أثرها الفعّال أيضاً ، فجمال المدرسة ونظافتها ، ونظام ونظافة الصف وتنظيم الكراسي والرحلات والسبورة ، وتزيين الصف بأنواع الملصقات الجدارية الملوّنة والهادفة ، هذه تدخل على نفسية الطفل الارتياح والسرور والبهجة ، خاصّة إذا علم أنّ هذه كلّها له ولزملائه ، فيسعى للمحافظة عليها .

وكذلك نظافة دورة المياه والمرافق الصحية في المدرسة ، والتزام كلّ مسؤول بواجبه بدقّة وحرص وإخلاص ، وظهور اللافتات المدرسية والحِكم الأسبوعية ، وتشكيل لجان لمساعدة الطلبة الجدد وإرشادهم لما يطلبون ، وأخرى لمساعدة الطلاّب الفقراء ، وثالثة لتنظيف المدرسة والصفوف والساحة والممرّات ، ورابعة لنشاطات مختلفة يعمل فيها الطلاّب سوية ؛ إنّ كل ذلك وأمثاله يزرع في نفوس الأطفال حبّ التعاون والمشاركة في الأعمال ، وحبّ النظام والترتيب ، وحبّ النظافة ، والالتزام بما يوكل إليهم من نشاطات صفّية أو غير صفّية ، واحترام الآخرين وعدم التدخّل في شؤونهم ، وإلى آخره ممّا يعزّز الثقة بنفس الطفل ويثير فيها التمتّع والارتياح ؛ فتنمّى قدراته وقابليّاته ، فيأخذ بالإبداع والتقدّم فيفيض عطاءً وخيراً له ولأهله ولمدرسته ولمجتمعه .

فعلى هذا توجّب على المدرسة أن تتقن نشاطاتها المختلفة وتنسّق فيما بينها ، لتكون المدرسة بعناصرها المتقدّم ذكرها كافّة متّحدة الهدف ، متّسقة التفكير ، بحيث يجعل منها وحدة عملية نشيطة ، يتعلّم فيها الطفل أسلوب الحياة الصائب ، ويعدّ نفسه لحياة المستقبل كذلك ، ويقرّ الصالح من الممارسات ، ويرفض الضارّ منها وغير المفيد ، فتكون المدرسة بذلك قد أمدّت المجتمع العام بوحدات إنسانية أساسية ، تدخل في بنائه وتركيبته الجديدة ، وتعمل على إحداث تغيير اجتماعي فيه ، وفق خطّة المدرسة الإسلامية الملتزمة .

د ـ الدولة :

بعد أن تطوّرت بنية الدولة ومهمامّها ، وتعقّدت الحياة البشرية بمختلف مجالاتها ؛ صارت علاقة الإنسان بالدولة علاقة حيوية ، فما من مرفأ من مرافئ الحياة إلاّ وللدولة أثر أو علاقة أو مشاركة فيه ، مباشرة أو غير مباشرة .

ويظهر أثر الدولة بشكل أكثر وضوحاً في التربية والتعليم والثقافة العامّة ، فالدولة اليوم هي التي تتولّى مسؤولية التربية والتعليم والثقافة ، وتخطّط لها مركزيّاً ، وتنهض بإدارتها وقيادتها .

أي أنّ الدولة تتبنّى مسألة إقامة البناء الإنساني ، وتصحيح البنية الشخصية وتقويمها ، وتنمية الفكر ، وكذلك طريقة إعداد الإنسان للحياة ، وعليها مسؤولية إعداد المنهج المدرسي ، ورسم السياسة التربوية العامّة ، وتوجيه الثقافة عن طريق الإذاعة والتلفزيون ووسائل النشر ، وأساليب الدعاية التي تؤثّر بواسطتها في إعداد الإنسان فكريّاً ونفسيّاً وسلوكيّاً ، وبتلك الوسائل والإمكانات تستطيع الدولة التأثير على هوية الإنسان التربوية ، وتحديد معالم شخصيّته .

وبما أنّ الدولة الإسلامية هي دولة عقائدية فكرية ، لها خطّ فكري متميّز المعالم ، وفلسفة حياتية مستقلّة ؛ لذا فهي مسؤولة عن توجيه التربية ، والتخطيط لكلّ عناصرها وأجهزتها المدرسية والإعلامية ، لتسير في الخطّ الإسلامي الملتزم ، فتمهّد الطريق للطفل في أن يشقّ طريقه إلى الحياة المستقبلية الكريمة ، وتساعد الشباب على تحمّل مسؤوليّاتهم المقدّسة ، ليكون لهم الدور الفعّال في ترسيخ أسس الدولة الإسلامية واستمرارها وبقائها ، والمشاركة في أخذ يدها نحو الخير والصلاح والعزّة والكرامة ، وليأخذ كل فرد في المجتمع الإسلامي دوره البنّاء المعدّ له والمؤهّل هو له ، فيكون عضواً نافعاً وفرداً صالحاً في هذا المجتمع ، يهدي إلى الخير ، ويكون رحمة لوالديه ، فيترحّم الناس عليهما لما يجدون في ولدهما هذا البرّ والإحسان والخير والصلاح والنفع والفائدة .

قال هادي البشرية والأنام ، ومنقذها من العبودية والظلام ، ومخلّصها من الذنوب والآثام ، رسول الله محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : ( ميراث الله من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له ) .

مسك الختام :

إنّنا حين نتطرّق لهذه العوامل بالشرح والتبسيط ؛ إنّما نريد بذلك إرساء حجر الأساس لما ألزَمَناه الإمام علي ( عليه السلام ) في منهاجه التربوي ، فنوفّر الأرضية الصالحة لنشأة الجيل على مبادئه ومعتقداته وآماله ، معتمدين في ذلك على الهدف الذي رسمه لنا ، لتحديد معالم التربية وأطرها الفكرية والمسلكية والعاطفية ، فذلك هو نصّ ما جاء بخطابه لولده الحسن ( عليه السلام ) حيث قال :

( فإنّي أوصيك بتقوى الله أي بُنيّ ، ولزوم أمره ، وعمارة قلبك بذكره ، والاعتصام بحبله ، وأيّ سبب أوثق من سبب بينك وبين الله ، إنْ أنت أخذت به ) ؟!

سدّدنا الله عزّ وجلّ جميعاً في تربية أولادنا التربية الإسلامية التي ترضيه سبحانه وتعالى ، وترضي رسوله وخلفاءه الميامين الأئمة الإثني عشر الطيبين الطاهرين المعصومين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين ، وترضي الصلحاء من هذه الأمّة الطيّبة ، عليهم رضوان من الله ربّ العالمين ، والحمد لله حمد الحامدين ، ونستعينه إنّه خير معين .
:è\": :&é:  أطفالنا في ظل التربية الإسلامية 2262360181 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أطفالنا في ظل التربية الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Biskra Mon Amour  :: °¨¨™¤¦علوم وثقافة :: شؤون تعليمية-
انتقل الى: